Description
في كلِّ ليلةٍ، أستيقظُ على صدى صراخِ الأطفالِ الذين قُتلوا في النصيرات. أراهم في أحلامي، يركضونَ نحوي، يصرخون: "لماذا؟" أُحاولُ أن أُجيب، لكن لا صوتَ يخرجُ من فمي. ذهبتُ إلى الطبيبِ النفسيِّ العسكريِّ، فكتبَ لي وصفةً لمُهدئاتٍ قوية. قال: "هذا طبيعيٌّ بعدَ الحرب." لكنني أعلمُ أنَّ ما أشعرُ به ليس طبيعيًّا. إنهُ ذنبٌ ينهشُ روحي. كنتُ أعملُ في وحدةِ التمويهِ الإعلاميِّ. كنا نُعيدُ تحريرَ مقاطعِ الفيديو القادمةِ من غزة، نُضيفُ أصواتًا، نُغيِّرُ التواريخَ، ونُخفي الحقائق. في أحدِ الأيامِ، طُلبَ مني تعديلُ فيديو يُظهرُ قصفَ مدرسةٍ في غزة. كانَ المشهدُ مروِّعًا: أطفالٌ يُخرجونَ من تحتِ الأنقاضِ، دماؤهم تغطي وجوههم. أضفتُ موسيقى حزينةً، وكتبتُ عنوانًا: "حماسُ تستخدمُ المدارسَ كمخابئ." لكنني كنتُ أعلمُ أنَّ الحقيقةَ مختلفة. كنتُ أرى الصورَ الأصليةَ قبلَ التعديل. كنتُ أرى الأطفالَ الأبرياءَ يموتونَ بلا ذنب. بدأتُ أعاني من كوابيسَ ليليةٍ، أرى فيها الأطفالَ الذين قُتلوا، يصرخونَ في وجهي. أستيقظُ وأنا أصرخُ، أعرقُ، وأبكي. ذهبتُ إلى الطبيبِ مرةً أخرى، فقال: "هذه أعراضُ اضطرابِ ما بعدَ الصدمة." أعطاني المزيدَ من المهدئاتِ، لكنني لم أعد أشعرُ بشيء. كنتُ كأنني ميتةٌ تمشي